الأمازيغ أو البربر.. عراقة تاريخ و أزمة هوية!

 القبائل البربرية أو الأمازيغ هم جماعة عرقية في شمال إفريقيا يعود تاريخها مند العصور القديمة إلى يومنا هذا و هم السكان الأصليون و فخر شمال إفريقيا و هم منتشرون في المغرب العربي و تضم كل من المغرب و الجزائر و تونس و ليبيا و موريتانيا و النيجر و مالي و يصل تعدادهم إلى حوالي 38 مليون إنسان يتحدثون باللغة الأمازيغية. ويعود أصل تسميتهم بهذا الإسم إلى كلمة أمازيغ و مؤنثها تمازيغت و تعني الإنسان الحر النبيل و أصل كلمة البربر يعود للرومان فهي كلمة لاتينية تعني المتوحشين أو البدائيين أطلقوها على كل الأجانب و الغرباء خلال غزوهم لبلدان شمال إفريقيا. اللغة الأمازيغية هي لغة قديمة جدا يعود تاريخها لأكثر من ألفين عام و هي من اللغاة القلائل التي مازالت محافضة على هويتها و على إرثها الحضاري و هناك كتابة تيفيناغ و إختلف المؤرخون على أصل هته الكتابة هناك من يربطها بالأبجدية الفينيقية و هناك من قال أنها متفرعة من اليونانية القديمة و يعتبر خط تيفيناغ علامة على التطور الفكري و الثقافي الذي وصل إليه السكان الأمازيغ القدامى. غالبية الأمازيغ هم مسلمون سنيون إعتنق الأمازيغ البربر الإسلام خلال فترة الفتوحات الإسلامية و دخولها لشمال إفريقيا.  

لقد عانت الأقليات الأمازيغية من الإضطهاد و التهميش و لقد حرمو من أبسط حقوقهم الإنسانية خاصة في الجزائر و ليبيا حيث كانو دائما يعانون من الإستبعاد و الإقصاء على أيدي السلطة و أساليبها القمعية، حتى اللغة الأمازيغية لم يعترف بها بعد في هته الدول فيما نجد بعض الجهود المبدولة من أجل دمج بعض المؤسسات الأمازيغية و على غرار المغرب الذي إعترف باللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور. لقد قاوم الأمازيغ في شمال إفريقيا لعصور من أجل الحفاظ على هويتهم و عدم طمسها و ما يزالون يناضلون من أجل الحرية بعيدا عن أشكال الإبعاد من ضلمات السجون إلى مٱسي التعديب الوحشي إلى إغتيالات في حق المثقفين و الكتاب الأمازيغ مجتمعات بأكملها تعاقب بشكل جماعي لعدم تخليها عن هويتها محاولات عديدة من أجل تدمير إرثهم التاريخي في ظل الإستبداد مما يؤدي في الأخير إلى الفقر و تبدد الفوارق المجتمعية أبشع جريمة هي جريمة الهوية راح ضحيتها مجتمع وسط المجتمع هذا الإختلاف الثقافي و الأيديولوجي وسط أبناء بلد واحد تفرقهم العرقيات و الأصول و ما زلنا نرى بعض الحركات السياسية البربرية تشن حملات من أجل التحسيس بحالة البربر المضطهدة و من أجل الإعتراف بهويتهم و ثقافتهم و من أجل إدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية في شمال إفريقيا و من أجل وضع حد للفقر و التهميش الذي يعيشونه في ظل الدكتاتورية القمعية و الفساد الذي تعيشه جميع دول الشمال الإفريقي.           


كباقي مجتمعات العالم المختلفة يفتخر البربر بثراتهم و هويتهم فالثقافة الأمازيغية غنية بالموروث الثقافي و الحضاري و يعد ثراتهم المادي و لامادي غنيا بالعادات و التقاليد الموروثة جيلا بعد جيل فيما نجد طقوسهم و أنشطتهم المقدسة خاصة في حفلات الزواج لا من حيث الغناء و لا من حيث اللباس و خاصة لباس المرأة المزكرش و المطروز يدويا و نجد أيضا الحلي و المجوهرات الفضية و الذهبية فيما نجد إتقان و تفرد الصانع الأمازيغي و إتقانه يدويا و بأدوات بسيطة. مند قديم الزمان كانت شمال إفريقيا ملتقا للحضارات فهي تطل على البحر الأبيض المتوسط الذي كان بوابة عبور و إلتقاء بين أوروبا و إفريقيا، مرت حضارات عديدة أثرت على الثقافة الأمازيغية كالحضارة الرومانية و الفينيقية خاصة حيت تمازجت معها مشكلة كل ما وصل إلينا اليوم من موروث.


تاريخيا قامت حضارات عديدة في شمال إفريقيا كانت تتشارك مع الأمازيغ الأرض فارضة العيش معا مرورا بنوميديا هي مملكة أمازيغية قديمة كانت في الجزائر و تونس و ليبيا، و كذلك أجزاء من شرق المغرب ثم أصبحت تحت السيادة الرومانية بعد عدة حروب و إنقسامات داخل المملكة ثم أتت المملكة الموريطنية و كانت تمتد من الجزائر غربا حتى المحيط الأطلسي حتى هي أصبحت تحت حكم الرومان حوالي 44 بعد الميلاد و تم تقسيمها إلى موريطنية الطنجية و موريطنية القيصرية. لتتوالى من بعدها الغزوات و الإنقسامات في المنطقة و خلال القرن الثالث عشر عند نهاية الخلافة الأموية في دمشق عرفت منطقة شمال إفريقيا الكثير من الإضطرابات سميت بثورة الأمازيغ. وكانت ثورات ضد السياسات القاسية التي إتبعها حكام شمال إفريقيا العرب كالتمييز ضد الوحدات الأمازيغية في جيش الخلافة و تسليم العبيد الأمازيغ كجزء من الجزية تدفعها القبائل البربرية ثم قررت القبائل في المغرب برغواطة و مكناسة الثورة على أسيادهم العرب. كانت معركة الأشراف من المعارك الملحمية في الثورة الأمازيغية في عام 740 حيث إنتصر فيها البربر على العرب مما أدى إلى إسقاط الأرستقراطيين العرب ثم كانت معركة بغدورة أو بقدورة معركة حاسمة في ثورة البربر و قد أسفرت معركة النبلاء هذه إلى إنتصار ساحق للأمازيغ على العرب قرب نهر سبو أنهت المعركة الخلافة الأموية في أقصى غرب المغرب و إنسحابهم منها. من الأسباب الرئيسية لهته الثورات هي الغزو الإسلامي لشمال إفريقيا كان القادة العرب يعاملون غير العربي و خاصة الأمازيغ بغير تساو ولا إنصاف البتة بالرغم من أن البربر شاركوا في جل المعارك فتح الأندلس إلا أنهم لم يحصلوا على حصة الأسد من الغنائم ثم جاء عام 743 بإعتباره نهاية الثورات الأمازيغية بعد فشل الجيوش البربرية في الإستلاء على القيروان لكن سيطرو على المغرب و الأجزاء الوسطى منه مما أدى إلى إنشاء دولة برغواطة عام 744 و إمارة المدرارية في سجلماسة سنة 758 في حين إستمرت السيطرة العربية على الأندلس و إفريقيا. و في سياق متصل وصلت سلالات غير أمازيغية للسلطة بمساعدة الأمازيغ أسست في عام 761 إمامة في منطقة تاهرت في الجزائر ثم الأدارسة في المغرب في عام 789 و هم السلالة الأولى في تاريخ المغرب و المؤسسة له.


و أخيرا يجدر الذكر بأن في المئة عام الماضية ناضل الأمازيغ من أجل الحرية و من أجل أن تتغير تلك النظرة الراديكالية عنهم و يبدو أن العالم المتحضر الحديث ما زال لم يعطهم حقهم و ما زالت القومية اللغوية تعاني في صمت في ظل بعض الأيديولوجيات السياسية فغالبا قمع لغات الأقليات يعطي صورة نمطية غير شاملة للحكومات الدكتاتورية تشكل عادة سمة الديمقراطيات الشمولية. 

Comments